حينَ الهجرة | وقفات وتأمّلات  

Posted by: زَينبْ in

بسم الله الرحمن الرّحيم



حينَ الهجرة،
أزمعَ ظلامُ الكون الرحيل، وأشرقَت الآفاق بنور الباري،
وصدقَ وعدُ الله نبيّه بالتّمكين،
مذ أولى لحظة سيقَ فيها الحقد آثمًا ليمكرَ ويظهر غيه وخواؤه، خوفهُ وانطفاؤه، فما كان لمكرهِ إلا أن أحبط الله كيده،
وجمع لنبيّه أسباب قهره ولطف به وتولّاه



ثمّ يشاءُ الله أن يجعل للبشرية ما تثب له كلّ عام، لتقرأ في تاريخها مجدًا ممكنًا لها إن وعته،
وفهمت مرادَ الله،
وغايةَ النبوّة، ومكانة الرساليّة في الحياة والأسباب والمسبّبات،
ومنهجَ الاتّباع الحقّ لخير المرسلين وأفضل قائدٍ في المشهد التّاريخي بأكمله.


,,

حينَ الهجرة، نعلم أنّ دوامَ الأمنِ والرخاء قد لا يكون رضًا بل سخطًا ابتلاءً،
ترفًا يزيدُ من غفلةٍ طالت آمادها، وأنّ الأمنَ في غيابِ الحق وبال على الدنيا .. وعدمهُ ابتلاء يتبعهُ تمكين،
هيّأ الله لكل فردٍ أسبابه ..

إنّ الصبر على الاستبداد والفسادِ دونَ أدنى حراك، استسلامُ الخير للشر،
لا شكّ أنّ الصراع سُنّة دائمةٌ ما دامت البشرية، بيدَ أنّه ليس غاية في ذاته!

وبقاءُ الخيرِ وإقامة الحقّ، تصدٍّ ومقارعة للشر أيضًا حقيقة الصراع لا تتمثل في كونها صدامًا وحروبَ دمويّة دائمًا
..
فزحف الخير مقارعةٌ لضدّه، وإن ضاقت الدنيا وكثر البلاء،
إن كان الطريقِ مقترٌ بما يكفي لمحوِ آثار الخير، فأرض الله أوسع من قطر واحد،
[ وَمَن يُهَاجِرْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِى ٱلأرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً ]- النساء 100


حينَ الهجرة، يزداد يقين المؤمن بحكمته تعالى، ويتبصر لدقائقِها وأصغر تفاصيلها في اكتمالِ صورتها النبويّة،
مذ نبض الفؤادُ ثقة بمولاه، ومضى في ما يسره له،
وأعدّ العدّة للمستقبل المجهول الذي ينتظره
عاملًا بالأسباب كلها، متكلًا على مسخّرها ومدبّرها بعد ذلك وكأنها لم تكن!
حتى وقع أمرُ الله وأثبت نبيه بمعجزاته ولطائفه، وخوارق تدبيره!
"ويمكرون ويمكر الله والله خيرُ الماكرين"، فلما يدين المرء لخالقه،
ويصعد إيمانه بوجدانٍ مطمئنٍّ لخالق السماء والأرض،
فهو يجد ويعمل ولا يتراخى ويخلد في كسله ونومه.
وحينها فقط، يتحقق الوعد

حينَ الهجرة، تنبلجُ روح الإيمان كفجرٍ مد جذوره ليسير الظلمةَ حيث يشاء،
فلا حدّ لمطامحه
فتلك الرّؤية القائدة النّافذة، واستراتيجيّة الهدف،
تجلّت في قيادة النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلّم فأقام الله على يديه ما أقامه.

حينَ الهجرة، نرى كيف هي معيّة الله لمن كان معه
وكيف تسبق يد العناية الإلهية فتسخر للخالص إيمانُهُ الصادق الوعد الأمين كل السبل ليثبت
[ فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ]- الزّخرف 43

ويمضي في الأرض الوعرة لا يأبه لمخاطرها،
ويستلذ بمشاقّها
فهاهو المشهد شاخصُ للعيان،
[ إِذْ أَخْرَجَهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ ٱثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي ٱلْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَا
فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا
]

فيهاجر بمعية ربّانية، ومؤازرةٍ أخويّة، وودٍّ فاقَ كلّ ودٍّ يحيطهُ عنايةً ورحمة ويتصدّى لكل أذىً لاحقٍ به.

ليصدح بدعوة مجلجلة في الآفاق، ويفتتح صفحةً أولى، مهدٌ لحضارة إسلامية خالصة،
أرست قواعدها بثبات
أسست بنيانها على التقوى، وتسامت أبنية الدولة الإسلامية بقيمٍ تكفل الخير والسموّ بالإنسانية أجمع

فمن البغضاء وثكنات الحقد والضّلال، إلى روح التآلف ورحابة الصدور والإيثار،
ومن الخوف ودرب محاطٍ بالأخطار، إلى الطمأنينة الإيمانية والخلاص من كل قيود الأرض بحرية العبودية
وقدسيّة العبادات وخصوصية مكانتها، وارتباطها ارتباطًا وثيقًا بدعائم الدولة، والهويّة المسلمة، فكان بناءُ "قباء"،

من الشتاتِ إلى وحدة الهدف، ومد اليد من أجل غاية لمسلم كان أو كافر ..
من ضيق الحدود والعزلة إلى اتساع الأرض، وتآلف كل مكنوناتها وإخاءٍ بين كل البشر، فلا أبيض ولا أسود
ولا عنصرية مقيتة
تحت لواء هذا الدّين العظيم ,

إنّ الحياة لم تكن لتذلل يومًا للهاربين، ولم يكن للمؤمنِ بدّ من متاعها ليبلغَ به متاعَ الآخرة ونعيمها
وما كان يومًا معقلُ الدين في أداء نسك وعبادة فقط، ولا في الانكفاء

وما كانت الهجرة لواذًا بالخير فقط، دون وجهة أسمى، وغايةٍ أعلى يحملنا إليها إيمان بأننا في الأرض مُستخلفون
وعلى عاتقنا قيام هذا الاستخلاف بأتم صورة لتتحقق له العزّة، بإعلاء كلمة الله وحده لا شريكَ له
[وَجَعَلَ كَلِمَةَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلسُّفْلَىٰ وَكَلِمَةُ ٱللَّهِ هِيَ ٱلْعُلْيَا وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ] - التّوبة 43

بأبي أنت وأمي يا حبيب الله، هاجرت في الله وإليه ..
جاهدتَ حق الجهاد
فكان لزامًا وحقًّا علينا أن نجاهدَ أنفسنا، ونتّبعَ هديك
واليوم كلّنا إلى الله مهاجرون!
مهما اختلف المسار، فالوجهة واحدة
وكلنا نردد مع أبي معبد .. "وأفلحَ من أمسى رفيق محمّدِ"



* بعضُ تأمّلات ووقفات، وفي السيرة والشواهدِ القرآنيّة،
منهلٌ لمن أرادَ الاستزادة

نسأل الله رب الأرض والسماوات العلى، أن يقيمَ هجرتنا على نهج تبعته،
وأن يمكن لنا ما يرتضيه منا.. أبدا
وأن يجعلَ في عامنَا هذا يسرًا وفرجًا ونصرةُ لكل مكروب، وكلّ مُستضعف
وكُلّ عامٍ ونحنُ بالإسلامِ في عزّة.
: )

30/12/1430

أُقصُوصةْ  

Posted by: زَينبْ in


لها بضع أيّام، خبّأتها بغيةَ "شطبٍ ومسحٍ وإقصاءٍ"
كي لا أمارس شيئًا من "التخبّط" على الورق!
أو حتّى لأزيّنها قليلًا
علّي أتعلم من دروسِ الحياة شيئًا من إفكِ الكلام
يُرينا الأشياءَ جميلةً على قبحها ..
فنصمتُ في حرمها واجمين!!

ولكن، لا جدوى
ولاتثريبَ عليّ.. ولا عليكم!







هتكَ الصمتُ بأعوامي الطوال

كان لي جذعٌ فتيٌّ، هدّهُ العجزُ فمالْ

رحِب الكون ولكن، ضاقَ بي صدرُ المحال

وخبتْ أوفازُ عزمي، من كلالٍ وملالْ


لا تقل لي في حكاياك المآسي ..

سالف الأيام والحاضر "حصدٌ"

والجنى يوم المآل

هكذا يفهم من شاءَ بأن

يوقَ من شحّ السّؤال!



نحنُ لم نخلق عبيدًا أبدا!

، نحنُ حُمّلنا عهودًا .. وأماناتٍ ثقال

ما كفتها الأرضُ وسعًا، لا ولا شمّ الجبال

والسمَا تذعنُ للمولى، أجرنيها

فتبقى ..قدرًا فينَا يزال


مالنا نغرق في كأس وعودٍ لا تُنال؟

مسكراتٍ في خطاها الإفكُ قد صالَ وجالْ

أُلقيتْ في شاطئ "الموتَى" .. كحبّاتِ رمال

تحت قرص الشمس تغفو، أو تشأ تحتَ النّعال!

كل شيءٍ يستوي في عرفها،
كانَ قبحًا أو جمالْ



بين أيدينا وسفرُ العيشِ، ساحاتُ نضال .

خاض في أكنافها من خاضَ، واستحيى "الرجال"

ثم صاروا أبدَ الأزمانِ "أشباه رجال"!!

ذاكَ يجتر الكلام، همه الدينارُ كي يسطعَ جاهًا و"جلال"

مخلدٌ للأرض ما طال السما، بئسَ الخلال!

قال قومي "نحن شئنا وأردنا"

أرعنا سمعًا وبالْ

فضحَ السرّ وقال: أنا لم أسدِ وعودًا، أوقفوا هذا الجدال..

واعذروني، أو .. قفوني إن أردتم

واسألوني


إن شأني لا "يُطال"

واغرقوا في مركبِ الحسرةِ واستبكوا الضّلالْ

وأتمّوا سعيكم

لن تتبعَ الشّمسُ الظّلالْ!

وإذا ما جئت فيكم، رافعًا كفّي "الشمال"

لأحييكم، وألقي فيكمُ قيلًا وقال

أشعلوا السرج وغنّوا، أذّنَ اليوم بلال!!



,


أيها العابرُ، لا تأسَ على الداء العضال

كم ظننّا أن حلمَ اليوم آتٍ لا محال

بيد أن الغيّ طال، إنّ غيّ العُربِ طال

وألفنا الشهرَ تلوَ الشّهرِ منزوعَ الهلال !!



ضرب الصمت بسورٍ سرمديّ الـ "إحتمال"

بينه والبحر – إن البحرَ رحبٌ – ألفُ والْ

خارج السور سيوفٌ، طاعةٌ .. ثم امتثال

وعلى باطنِهِ شدّ بحبلٍ من "خبال"!




. . أطرقَ العابرُ حرفًا صاغهُ وقت "الزّوال"
قد كفينَا "يا كرام" اليوم، من ذلّ المقالْ . . .



30/11/2009