{ نَاجِ الحمَامْ }  

Posted by: زَينبْ in


ناج الحمامَ فطيفُ الرّوحِ يَسمعُهُ
ناجيهِ فجرًا فلحظُ الليلِ يُفزِعُهُ

ناجيهِ واسأل عن الأنسامِ هل شرُفَتْ؟
من البعيدِ أم انسابتْ تودِّعُهُ

أم استكانتْ لصفعِ الرّيحِ واجمةً
كأنها الموتُ يجثو، وهي تتبَعُهُ

ناجِ الحمامَ وسلْ عن ضيءِ مُهجتِنَا
كم زاورَ الفجرَ حتى بانَ مِخْدعُهُ

عاصٍ على الوهنِ مهمَا زاد سِطوتُهُ
يحثو الخطى، وطويلُ الدربِ يقطَعُهُ

يُساهرُ الليلَ والأقمارُ شاهدةٌ
تشعُّ أُنسًا إذا جافاهُ مضجعُهُ

تناثَرَ القلبُ في معراجِهِ جَذِلًا
وسط الدّياجِي وضوءُ الأفقِ يجمعُهُ

ما أثقل البينَ لو يأتيكَ مُحتكمًا!
ما أضعفَ المرءَ لمّا يأتِ.. يُفجِعُهُ

قد كانَ يلهجُ بالتسبيحِ منصرفًا
للهِ، كلُّ خلاياهُ وأضلُعُهُ

وغادرَ الجسم، ها قد حانَ موعدُهُ
وكلنا لإله الكونِ مرجِعُهُ

الرّوحُ تصعدُ للباري على مهَلٍ
كالطّيرِ لمّا جناحُ الشّوقِ يرفعُهُ

ما كنتَ تعلمُ إذ تلقاهُ منطرحًا
قد يخطئُ المرءُ يومًا ما يروّعُهُ

نستودعُ الله روحًا لا تُفارقنا
نستودعُ اللهَ من في القلبِ موضعُهُ 

يسّاقطُ الوجدُ كلًّا من محاجرِنَا
لا ضيرَ! فالموت بأسٌ لستَ تدفعُهُ

بعض الدموعِ عطايا لستَ تُدركها
لا يشقَ بالصّبرِ من قد كان يجرعُهُ!

لو أنّ حسبكَ غيرَ اللهِ ما برحَتْ
عن الفؤاد جراحاتٍ توجِّعُهُ 


يا ريحَ مكّةَ مُرّي صوبَ باحتِنَا
ألقِي السّلامَ على قبرٍ نُشيّعُهُ

وخبّئي العطرَ بين الغيمِ والنّسَمِ
فذلك تربٌ زكيُّ المسكِ أضوعُهُ!


لله قلبُ الوفا ما زال يذكرُهُ
كالصبٍّ يخلُدُ من ماضيهِ أروعُهُ 

ذاكَ البهاءُ تسَاقَى الغيمُ موردَهُ
كأنّهُ النّهرُ دفّاقًا.. وأفرعُهُ

ارفع صلاتكَ للمولَى موشّحةً
ثوبَ اليقينِ فلا ريبٌ يُزعزعُهُ

واستمطرِ الشوقَ للقيا فجنّتُهُ
خيرُ المتاعِ ومن ذا عنكَ يمنعُهُ

لا يصرفُ المرءَ عن أقدارِهِ حذَرٌ
كلا ولا محضُ إرثٍ كانَ يجمعُهُ

رباه قد رحل الغالي جواركمُ
ربّاهُ فاجعلْ جنانَ الخلدِ موضعُهُ

متّعهُ في نزلِ الفردوسِ مكرُمةً
أنتَ الجوادُ ومنكَ الفضلُ نضرعُهُ



من وحي الفقد!
27/12/1431
3/12/2010